تعرض الشيطان لحواس المريض ليلاً | الموقع الرسمي للشيخ سلطان الشهري
تعرض الشيطان لحواس المريض ليلاً
  • الثلاثاء, أغسطس 20th, 2013
حجم الخط

المقدمة :

حذرنا الله تعالى من إغواء الشيطان لبني آدم حيث أنه يسعى إلى إفساد الدين والعقل حتى يُفضي بالإنسان إلى الهلاك. ومن إغوائه أنه يَصدُّه عن ذكر الله الذي به حياة القلوب، وصلاح الأحوال في الدنيا والآخرة، ويَصدُّه عن الصلاة التي هي عماد الدين، وفي أدائها تزكية للنفس وتطهير للقلب. فاذا لم يسلم السليم من مكائده ليل نهار، فكيف هو حال المريض الروحي. فالشيطان يسعى جاهدا الى تثبيط هذا الأخير حتى يصرفه عن العبادات التي تكون سببا باذن الله في شفائه. بل اننا اذا علمنا أن الشيطان ينشط أثناء الليل فيتعرض المريض الروحي إلى صعود العارض للرأس أثناء النوم فيسيطر على مخه الذي هو مركز التحكم بالجسم، فكيف يحدث ذلك؟

العرض :

من نِعَم الله تعالى على الانسان أن وهب له الحواس التي تُعتبر نوافذ طبيعية وضرورية للتواصل مع العالم الخارجي. غير أن هذه الحواس لا تعمل بمفردها. فهي تتفاعل مع الدماغ الذيهو مركز الشعور وردة الفعل فترسل له و تستقبل منه إشارات دقيقة عبر الجهاز العصبي. فالدماغ هو مركز كل شىء، فهو مركز الحواس والحركة والقوة والادراك وهو العضو الرئيسي في الجهاز العصبي ووظيفته أنه يجمع المعلومات ويحللها ويسيطر ويدير معظم أعضاء الجسم.

أحبتي تعالوْا بنا نُبحر معا لنغوص في أسرار هذه النعمة الربانية. السطور مهما كثُرَت وطالت، فإنها لن تستوفي خالقنا حق شكره على هذه النعمة التي ميّزنا بها عن كثير منخلقه. تعالوْا بنا الآن نركز على جزء واحد من الدماغ ألا وهو جذع الدماغ.يتواجد هذا الأخير تحت المخ ويمثل تركيب أصبعي الشكل يربط المخ بالحبل الشوكي.


أمام تسابق الغرب في البحوث العلمية، اتجه اهتمام علمائنا المسلمين في السنوات الأخيرة إلى بيان الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ليُبينوا للغرب صدق الرسالة. لن يتسع المقال لعرض جميع ما توصل إليه علمائنا، ولكني سأركز على الإشارات العلمية الواردة في السنة النبوية من خلال تدارس بعض الأحاديث الصحيحة التي وردت على لسان الذي لا ينطق عن الهوى والتي لها صلة وثيقة بإطباق الشيطان على الحواس ليلا.


الحديث الأول وقافية الرأس

ستكون وقفتنا الأولى بإذن الله مع الحديث التالي : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ،يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ،فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ،وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». ورد في الحديث لفظ (يعقد) و هذا دَيْدَن الشيطان اللعين و عقده هنا يشابه عقده هنا كفي سورة الفلق (من شر النفاثات في العقد) و نفثه هنا (فارقد عليك ليل طويل) تعمل عمل نفثه هناك. اليك أيها القارئ المزيد من التوضيح حتى تكتمل الصورة في ذهنك. فدعني أرشدك أولا الى شرح ديني للحديث ومن ثَمّ ننطلق معا الى إعجازه العلمي.

المعنى الديني للحديث :
ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني في شرحه للحديث أن الشيطان لعنه الله (يضرب أي بيده على العقدة تأكيداً وإحكاماً لها قائلاً ذلك وقيل معنى يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ ومنه قوله تعالى «فضربنا على آذانهم» أي حجبنا الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا. لي وقفة مع حاسة السمع عندما أتناول بالدرس الحديث النبوي الثاني الذي يأتي لإلقاء المزيد من الضوء على الحديث الأول.


الإعجاز العلمي للحديث :
لنَنظُر معا الآن إلى الإعجاز العلمي لهذا الحديث. فتحت إشراف طبيب مصري،أُجريَ بحث على قافية الرأس وهي مؤخرته. من أهم الإشارات العلمية في الحديث والتي توصل إليها البحث هي أنقافية الرأس تمثل مركز النوم واليقظة. لاستعمال المسميات العلمية وذلك قصد تطابق الكلمة والصورة، فقافية الرأس هي مايعبر عنها بلغة الطب التشكيل الشبكي وهو الجزء المسؤول عن دورة النوم والاستيقاظ في المخ. التشكيل الشبكي عبارة عن مجموعة من شبكة معقدة من الخلايا والمحاور العصبية المتواجدة في جذع المخ، وهو مسؤول عن تنظيم الوعي، والنوم، والاستيقاظ.

خلاصة الكلام :أشارالحديث الشريف إلى أن الشيطان يعقد على مؤخرة رأس النائم ثلاث عقد ثم يضرب عليها ليصده عن قيام الليل وصلاة الفجر بإنزال النعاس عليه فيستيقظ بعدها (أي بعد انقضاء وقت فريضة الصبح أي بعد الشروق) خبيث النفس كسلان،فإن هو استيقظ (وقتا لفريضة والأفضل قبلها) وذكر الله وتوضأ وصلى ركعتين انحلت تلك العقد بإذن الله. وهذه إشارة واضحة إلى أن مركز التحكم باليقظة والنوم موجود في مؤخرة الرأس (مؤخرة الدماغ) وهذا ما أثبته العلم الحديث. لذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم يحث في حديث آخر رواه أبو هريرة على أهمية قيام الليل لحل عقد الشيطان حيث قال: إن العبد إذا نام عقد الشيطان عليه ثلاث عقد،فإن تعار من الليل فذكر الله حلت عقدة، فإن توضأ حلت عقدتان، فإن صلى ركعتين حلت العقد كلها، فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين. ومماأثبته الواقع ان المصابين بالأمراض الروحية لايطيقون قيام الليل بل ان العارض قد يسيطر على المريض كليا فيصرعه أو يسبب له ضيق ونفور . لهذا السبب ولأسباب أخرى ترى الشيخ عبد الله الخليفة حفظه الله ينهل من السنة النبوية ليرشد مرضاه الى الطريقة المثالية للتخلص من أعراض الحضور أثناءالنوم.فقد لاحظ فضيلته أن مرضاه يجدون صعوبات في قيام الليل وما ذلك الا تلاعب العارض لتثبيطالمريض والاخلال بشفائه.


لوتعمقنا أكثر أيها الأحبة لوجدنا أن حديثا آخر يدعم الأول ليفسر لنا تلاعب الشياطين بحاسة أخرى للمريض ليلا ألا وهي حاسة السمع. فشدّوا رحالكم ولننهل من علم سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.


الحديث الثاني وحاسة السمع

كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يحث أصحابه على أن يحرصوا على قيام الليل، ليزدادوا من الخيرالذي ترتفع به درجاتهم عند الله. كما كان يحذرهم من تثبيط الشيطان لهم عن قيام الليل، روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: (ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ! فَقَالَ: بَالَ الشَّيْطَانُ فِيأُذُنِهِ).جاء في فتح الباري بشرح صحيح البخاري قوله : ( في أذنه). واختلففي بول الشيطان، فقيل هو على حقيقته. وقيل هو كناية عن سدّ الشيطان أذن الذي ينام عن الصلاة حتى لا يسمع الذكر. وقيل معناه أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل فحجب سمعهعن الذكر. وقيل هو كناية عن ازدراء الشيطان به. وقيل هومثل مضروب للغافل عن القيام بثقل النوم كمن وقع البول في أذنه فثقل أذنه وأفسد حسه. والعرب تكنّي عن الفساد بالبول. وقال الطيبي : خص الأذن بالذكر وإن كانت العين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم،فإن المسامع هي موارد الانتباه . وخص البول لأنه أسهل مدخلا في التجاويف وأسرع نفوذا في العروق فيورث الكسل في جميع الأعضاء. ولما كان الشيطان عدو الإنسان، وكان يكره منه الإيمان وعبادة الله والأعمال الصالحة، كان من وسائله تثبيط الهمم عن العبادة، والوسوسة بما يميل بالنفس إلى الكسل. من الاعجاز العلمي للحديث، ثبتعلميا أن هناك مراكز للسمع داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المسموعات وعقلها. ويقع مركز السمع في المخ مباشرة فوق قافية الرأس التي توقف عمل المخ (وبالتالي عمل مركز السمع) أثناء النوم.


إذن فالشيطان يطارد الإنسان في حياة وحتى من خلال نومه، فلا يسلم الإنسان من تسلط الشيطان، فيتسلط عليه قبل النوم وأثناءه ليمنعه من صلاة قيام الليل والتهجد والتقرب إلى الله. إن الإهمال في قيام الليل يسلّط الشيطان على الإنسان. فان أهمل قيام الليل كان أرضا خصبة لتأثير المرض الروحي. بالتالي فالخيار الأفضل للمسلم عموما وللمريض على وجه الخصوص أن يجاهد نفسه في التخلص من عُقد الشيطان ووسوسته بقوة إيمانه وطاعته لربه ومداومته على ذكره في كل أوقاته وأحواله ليعصمه الله من شرهو إغوائه كما قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99].

الحديث الثالث وحاسة الشم

في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه. وأَشْكَل هذا على بعض الناس فقالوا كيف يبيت الشيطان على الخياشيم مع أن من قرأ آيةا لكرسي لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربنّه شيطان؟ والجواب – كما أشار إليه ابن حجر – : إما أن من قرأ آية الكرسي مخصوص بالحفظ دون غيره أو أن الشيطان لا يقربه قربان وسواس، فلا يقرب قلبه فيضرّه بالوسواس، بل يبيت على خيشومه.


أحبتي شدّوا رحالكم مرة أخرى وتعالوْا بنا نُعرّف أولا ما هو “الخيشوم”؟ قيل هو الأنف كله. وقيل هو أعلى الأنف من الداخل. وقيل هو غشاء رقيق يكون بين الأنف وبين الدماغ. وسواء كان التعريف بهذا أو بذاك، فإن فيه دلالة على أن الشيطان يحب المكان القذر. كيف ذلك؟ انّ الغبار الذي يعلق بالأنف يتولد منه القذارة، وهذه القذارة محبوبة للشيطان.

لن أكتفيَ بهذا لأن المقال مُدرج تحت لواء الاعجاز العلمي للقرآن والسنة. ستسألُني لماذا ذكر الحديث اعادة الإستنشاق والإستنثار ثلاث مرات؟ لن أجيبك أنا بل سيجيبك العلم التجريبي. ففي تكرار الإستنشاق والإستنثار ثلاث مرات حكمة إلهية وطبية ومعجزة لاتقارن حيث توصل الباحثون إلى النتائج التالية:

في المرة الأولى للإستنشاق تخفض نسبة الميكروبات إلى النصف.

في الإستنشاق للمرة الثانية تنخفض النسبة إلى الثلث.

وفي الإستنشاق للمرة الثالثة تنعدم تماما .

وبالتفسيرالعلمي للنتائج السابقة نجد أن الأنف يبقى نظيفا (من الميكروبات) من 3 – 5 ساعات ثم يعود للتلوث الذي يقضي عليه الوضوء لأنفي الوضوء كما هو معلوم عملية الاستنشاق والاستنثار.


لو قالقائل : لماذا الأنف؟ لأن الأنف مدخل ليس فيه غطاء يحول بينه وبين القلب، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً. لكن الأنف باب مفتوح، فاختار الشيطان هذا المكان لأن هذا منفذ ليس له غطاء وليس له حجاب. والأذن، تماما كالأنف، مدخلها مفتوح وليس مغلقاً. وهنا تلاحظ معي أوجه المقاربة بين الحديث الثاني والثالث ويؤكد لك أيها القارئ أن الكلّ يخرج من مشكاة واحدة ألا وهي مشكاة الوحي والنبوة.فسبحان الله والحمد لله أن جعلنا من أمة خير الأنام.


ومما زادني فخرا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأّن صيرت أحمد لي نبيا


الخاتمة :

 

ان المخ جهاز حي خلقه رفيع الدرجات وبديع السموات والارض الخلاق العليم ليجعل من العلم البشري ذليلا ومتواضعا وساجدا امام قدرته الخلاقة. وبما أن الغرب لا يؤمن الا بالماديات فهاهو الاعجاز العلمي للقرآن والسنة يضرب عرض الحائط كل من يرى في الدين الاسلامي الحنيف دينا مجردا من العلم. وما هذا المقال الا محاولة متواضعة للتطرق الى ما ميزنا الله تعالى به على سائر المخلوقات ألا وهو العقل. لقد كان الهدف من المقال فهم كيفية تسلط الشيطان على حواس المريض الروحي. وكانت الوسيلة لذلك هي النهل منفيض السنة النبوية لابراز تسلط على مراكز الحواس في المخ لتثبيطها واخماد نشاطها فيتهاون المريض في أدائه للفرائض والنوافل. فاذا ما علم المريض مداخل وألاعيب الشيطان تمسك بنواجده بتعاليم الدين وفيض السنة الشريفة وكانت له القربة من الواحد الديّان.

 


المصادر :

الحواس .. بين العلم والدين للكـاتب : ناصر أحمد سنه من موقع المختارالاسلامي

ما هوالجهاز العصبي المركزي من موقع سنا للطب الأصيل

قافية الرأسمركز النوم واليقظة ـ إعجاز علمي من موقعموسوعة الاعجاز العلمي في القرآنوالسنة

أعراض حضور العارض أثناء النوم و سبب تعثر تحصينالنوم

تركيب المخ البشري في ضوء القرآن للدكتور حسين اللبيدي من موقع ويكيالجامعة

شرح كتاب ( بلوغ المرام : بابالوضوء) من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ زيد بن مسفرالبحري

مكنونات وأسرار إلهية في الوضوء من موقع منتدى قصةالإسلام

مكنونات وأسرار إلهية في الوضوء من موقع منتدى قصةالإسلام

الإعجاز في الوضوء .. تكشفه التكنولوجيا من موقع شبكة ومنتديات نورالإسلام

 

مواضيع قد تعجبك


أترك تعليق